موقع الخواطر

 

إلى من لا يهمـه الأمر 

يوقِـدُ غيري شمعَـةً
ليُنطِـقَ الأشعارا نيرانـا. 
لكنّنـي .. أُشعِـلُ بُركانـا ! 
ويستَـدرُّ دمعـةً 
ليُغـرقَ الأشعـارَ أحزانـا. 
لكنّـني .. أذرِفُ طوفانـا ! 
شـتّانَ .. 
غيري شاعِـرٌ ينظـمُ أبياتاً 
ولكنّـي أنا .. أنظِـمُ أوطانـا !
وعِنـدهُ قصيدَةٌ يحْمِلُهـا 
لكنّني قصيـدةٌ تحمِـلُ إنسـانا ! 
كلٌّ معانيـهِ على مقـدارِ ما عانـى. 
للشُّعـراءِ كُلّهم 
شيطانُ شعـرٍ واحـدٌ 
ولي بمفـردي أنا 
.. عشـرونَ شيطانـا ! 
مذهـب الفراشـة 
فراشَـةٌ هامَـتْ بضـوءِ شمعـةٍ 
فحلّقتْ تُغـازِلُ الضِّرام. 
قالت لها الأنسـام :
( قبلَكِ كم هائمـةٍ .. أودى بِهـا الهُيـامْ ! 
خُـذي يـدي 
وابتعـدي 
لـنْ تجِـدي سـوى الرَّدى في دَورةِ الخِتـامْ ).
لـم تَسمـعِ الكـلامْ 
ظلّـتْ تـدورُ
واللَّظـى يَدورُ في جناحِهـا . 
تحَطّمـتْ 
ثُـمَّ هَـوَتْ 
وحَشْــرجَ الحُطـامْ : 
( أموتُ في النـورِ 
ولا 
أعيشُ في الظلامْ )! 

هـذا هـو الوطـن 
( دافِـعْ عـن الوطـنِ الحبيبِ ) .. 
عن الحروفِ أم المعانـي ؟ 
ومتـى ؟ وأيـنَ ؟
بِسـاعـةٍ بعـدَ الزمـانِ 
وَموقِــعٍ خلـفَ المكـانِ ؟! 
وَطـني ؟ حَبيـبي ؟ 
كِلْمتـانِ سَمِعْـتُ يومـاً عنهُمـا
لكنّني 
لَـمْ أدرِ مـاذا تعنيـانِ ! 
وطَـني حبيبي 
لستُ أذكُـرُ من هــواهُ سِـوى هـواني ! 
وطنـي حبيبـي كانَ لي منفـى 
ومـا استكفـى 
فألقانـي إلى منفـى 
ومِـنْ منفـايَ ثانيـةً نفانـي ! 
** 
(دافِـع عـنِ الوطَـنِ الحبيبِ ) 
عـنِ القريبِ أم الغريبِ ؟ 
عـنِ القريبِ ؟ 
إذنْ أُدافِــعُ مِـن مكانـي. 
وطـني هُنـا. 
وطـني : ( أنَـا ) 
ما بينَ خَفقٍ في الفـؤادِ 
وَصفحـةٍ تحـتَ المِـدادِ 
وكِلْمَـةٍ فوقَ اللّسـانِ 
وطني أنَـا : حُريّـتي 
ليسَ التّرابَ أو المبانـي. 
أنَـا لا أدافِـعُ عن كيـانِ حجـارةٍ 
لكـنْ أُدافِـعُ عـنْ كِيانـي ! 

مقيـم في الهِجـرة 
قلَمـي يجـري 
ودَمـي يجــري
وأنَـا ما بينهُمـا أجْـري.
الجَـريُ تعثّـرَ في إثْـري ! 
وأنَـا أجـري. 
والصّـبرُ تصـبّرَ لي حتى
لـمْ يُطِـقِ الصّبرَ على صـبري ! 
وأنـا أجـري . 
أجـري، أجـري، أجـري .. 
أوطانـي شُغلـي .. والغُربـةُ أجـري!
** 
يا شِعـري 
يا قاصِـمَ ظهـري 
هـلْ يُشبِهُـني أحـدٌ غـيري ؟ 
في الهِجـرةِ أصبحـتُ مُقيمـاً
والهِجـرةُ تُمعِـنُ في الهَجْــرِ ! 
أجـري .. 
أجــري .. 
أيـنَ غـداً أُصبِـحُ ؟ 
لا أدري . 
هـلْ حقّـاً أُصبِـحُ ؟ 
لا أدري . 
هـلْ أعـرِفُ وجهـي ؟ 
لا أدري . 
كـمْ أصبَـحَ عُمـري ؟ 
لا أدري . 
عُـمُـري لا يـدري كَـمْ عمـري !
كيفَ سـيدري ؟! 
مِن أوَّلِ ساعـةِ ميـلادي 
وأنَـا هِجـري ! 

هـات العــدل
إدعُ إلى دينِكَ بالحُســنى 
ودعِ الباقـي للدّيــانْ . 
أمَّـا الحُكــمُ .. فأمـرٌ ثـانْ .
أمـرٌ بالعَـدلِ تُعـادِلُـهُ 
لا بالعِمّــةِ والقُفطـانْ 
توقِـنُ أمْ لا توقِـنُ .. لا يعنيني 
مَـن يُدريـني 
أنَّ لسانكَ يلهَـجُ باسـم اللـهِ 
وقلبكَ يرقُـصُ للشيطانْ ! 
أوجِـزْ لـي مضمـونَ العَـدلِ 
ولا تفلقـني بالعنــوانْ. 
** 
لـنْ تقـوى عنـديَ بالتّقـوى 
ويقينُكَ عِنـدي بُهتـانْ 
إنْ لـمْ يعتَـدلِ الميــزانْ . 
شَعــرةُ ظُلـمٍ تنسِـفُ وزنَكَ 
لـو أنَّ صـلاتكَ أطنـانْ! 
الإيمـانُ الظّالِـمُ كُفــرٌ 
والكُفـرُ العادلُ إيمـانْ ! 
هـذا ما كَتَبَ الرحمــانْ.
** 
(قالَ فـلانٌ عـنْ عـلاّنٍ
عـن فلتـانٍ عـن علتـانْ ) 
أقـوالٌ فيهـا قولانْ 
لا تعْـدِلُ ميـزانَ العـدلِ 
ولا تمنحُـني الإطمئنـانْ . 
دعْ أقـوالَ الأمـسِ وقُـلْ لـي .. 
مـاذا تفعَـلُ أنتَ الآنْ ؟ 
هـلْ تفتـحُ للدِيـنِ الدُّنيـا .. 
أمْ تحبِسُـهُ في دُكّــانْ ؟! 
هَـلْ تُعطينا بعضَ الجَـنّــةِ 
أمْ تحجِـزُها للإخـوانْ ؟! 
قُـلْ لـي الآنْ
فعلى مُختلفِ الأزمـانْ 
والطّغيـانْ 
يذبُحـني باسمِ الرحمانِ فـداءً للأوثانْ !
هـذا يذبَـحُ بالتّـوراةِ 
وذلكَ يذبَـحُ بالإنجيـلِ
وهـذا يذبَـحُ بالقـرآنْ ! 
لا ذنبَ لكُلِّ الأديـانْ
الذنبُ بطبـعِ الإنسـانِ 
وإنّكَ يا هـذا إنسـانْ .
** 
كُـنْ ما شئتَ .. 
رئيسـاً، 
ملِكـاً، 
خانـاً، 
شيخـاً، 
دِهقـاناً، 
كُـنْ أيّـاً كـانْ
مِـنْ جنـسِ الإنـسِ أو الجـانْ . 
لا أسـألُ عـنْ شكلِ السُّلْطـةِ 
أسـألُ عـنْ عـدلِ السُّلطانْ.
هاتِ العَـدلَ .. 
وكُـنْ طَـرَزانْ ! 

ضـائع 
صُـدفَـةً شاهـدتُـني 
في رحلـتي منّي إِلَيْ. 
مُسرِعاً قبّلتُ عينيَّ
وصافحـتُ يَـدَيْ 
قُلتُ لي : عفـواً ..فلا وقتَ لَدَيْ .
أنَـا مضْطَـرٌ لأن أتْرُكَـني،
باللـهِ .. 
سـلِّمْ لـي عَلَـيْ ! 

شاهــد إثبات 
لا تطلـبي حُريّـةً أيّتها الرّعيـّهْ 
لا تطلُبي حُريّـــةً .. 
بلْ مارسـي الحُريّـهْ. 
إنْ رضـيَ الرّاعـي .. فألفُ مرحَبـا 
وإنْ أبـى 
فحاولي إقناعَـهُ باللُطفِ والرّويّـهْ .. 
قولـي لهُ أن يَشـرَبَ البحـرَ 
وأنْ يبلَـعَ نصفَ الكُـرةِ الأرضيّـهْ ! 
ما كانتِ الحُريّـةُ اختراعَـهُ 
أوْ إرثَ مَـنْ خَلّفَـهُ 
لكـي يَضمَّها إلى أملاكـهِ الشّخْصيّـهْ 
إنْ شـاءَ أنْ يمنعهـا عنكِ 
زَواهـا جانِبـاً 
أو شـاءَ أنْ يمنحهـا .. قدَّمهـا هَديّـهْ
قولـي لَهُ : إنّـي وُلِـدتُ حُـرَّةً 
قولي لـهُ : إنّي أنـا الحُريّـهْ. 
إنْ لـمْ يُصـدِّقْكِ فهاتـي شاهِـداً 
وينبغـي في هـذه القضيّـهْ 
أن تجعلـي الشّاهِـدَ .. بُنـدقيّـهْ ! 

تصـدير واسـتيراد 
حَلَـبَ البقّـالُ ضـرعَ البقَـرهْ 
ملأ السَطْـلَ .. وأعطاهـا الثّمـنْ . 
قبّلـتْ ما في يديهـا شاكِـرهْ .
لم تكُـنْ قـدْ أكلَتْ منـذُ زَمـنْ . 
قصَـدَتْ دُكّانَـهُ 
مـدّتْ يديهـا بالذي كانَ لديهـا ..
واشترَتْ كوبَ لَبـنْ ! 

قانـون الأسـماك 
مُـتْ مِـنَ الجـوعِ 
عسـى ربُّكَ ألاّ يُطعِمَـكْ . 
مُـتْ
وإنّـي مُشفِقٌ 
أنْ أظلِـمَ الموتَ 
إذا ناشـدتُـهُ أن يرحَمَـكْ !
جائـعٌ ؟! 
هَـلْ كُلُّ مَـنْ أغمَـدتَ فيهِـمْ قَلَمكْ 
لمْ يسـدّوا نَهَمَـك ؟! 
تطلبُ الرّحمـةَ ؟ 
مِمَّـنْ ؟ 
أنتَ لـمْ ترحَـمْ بتقريرِكَ 
حـتى رَحِمَـكْ ! 
كُلُّ مَـنْ تشكـو إليهِـمْ 
دَُمهـمْ يشكـو فَمَـكْ ! 
كيفَ تُبـدي نَدَمكْ ؟ 
سَمَـكاً كُنتمْ
وَمَـنْ لم تلتَهمـهُ التَهَمَـكْ ؟ 
ذُقْ، إذنْ، طعـمَ قوانيـنِ السّمَـكْ . 
هاهـوَ القِرشُ الذي سـوّاكَ طُعْمـاً
حينَ لم يبقَ سِـواكَ استَطْعَمَكْ ! 
** 
مُـتْ .
ولكِـنْ أيُّ مـوتٍ 
مُمكِـنٌ أنْ يؤلِمَـَكْ ؟! 
أنَـا أدعـو لكَ بالمـوتِ 
وأخشى 
أن يمـوتَ المـوتُ 
لو مَـسَّ دَمـَكْ ! 

البلبـل والوردة 
بُلبُـلٌ غَـرَّدَ، 
أصغَـتْ وَردَةٌ .. 
قالتْ لـهُ : 
أسمـعُ في لحنِكَ لـونا !
وردةٌ فاحـتْ،
تملّـى بُلبُـلٌ ..
قالَ لها : ألمَـحُ في عِطـرِكِ لحنـا ! 
لـونُ ألحـانٍ .. وألحـانُ عبيـرْ ؟! 
نَظـرٌ مُصـغٍ .. وإصغـاءٌ بصـيرْ ؟! 
هلُ جُننـّا ؟! 
قالتِ الأنسـامُ : كلاّ .. لم تجُنّـا 
أنتُمـا نِصفاكُمـا شكلاً ومعـنى 
وكلا النّصفـينِ للآخـرِ حَنّـا 
إنّمـا لم تُدرِكا سِـرَّ المصـيرْ . 
شـاعِرٌ كان هُنـا، يومـاً، فغـنّى 
ثـُـمّ أردَتْـهُ رصـاصـاتُ الخَفيرْ 
رفْـرَفَ اللّحـنُ معَ الرّوحِ 
وذابتْ قَطَـراتُ الدَمِ في مجـرى الغديـرْ . 
مُنـذُ ذاكَ اليـومِ 
صـارتْ قطَـراتُ الدَّمِ تُجـنى 
والأغانـيُّ تطـيرْ ! 

الألثغ يحـتج 
قـرأَ الألثَـغُ منشـوراً ممتلئاً نقـدا 
أبـدى للحاكِـمِ ما أبـدى : 
( الحاكِـمُ علّمنـا درسـاً ..
أنَّ الحُريـةَ لا تُهـدى 
بلْ .. تُستجـدى !
فانعَـمْ يا شَعـبُ بما أجـدى .
أنتَ بفضـلِ الحاكِـمِ حُـرٌّ 
أن تختارَ الشيءَ 
وأنْ تختـارَ الشيءَ الضِـدّا ..
أن تُصبِـحَ عبـداً للحاكِـمِ 
أو تُصبِـحَ للحاكِـمِ عَبـدا)! 
** 
جُـنَّ الألثـغُ .. 
كانَ الألثـغُ مشغوفاً بالحاكِـمِ جِـدَا 
بصَـقَ الألثـغُ في المنشـورِ، وأرعَـدَ رَعْـدا : 
( يا أولادَ الكلـبِ كفاكُـمْ حِقْـدا .
حاكِمُنـا وَغْـدٌ وسيبقى وَغْـدا ). 
يَعني وَرْدا ! 
**
وُجِـدَ الألثـغُ 
مدهوسـاً بالصُّـدفَـةِ ..عَـمْـدا ! 

الجارح النبيل 
الّلـهُ أبـدَعَ طائـرا 
وحبَـاهُ طبعـاً 
أن يلـوذَ مِـنَ العواصِـفِ بالذُّرى
وَيَطـيرَ مقتحِماً، ويهبِطَ كاسِـرا 
وَيَعِـفَّ عـنْ ذُلِّ القيـودِ
فلا يُبـاعُ ويُشترى .
وإذْ استوى سمّاهُ َنسْـراً .. 
قالَ :َمنزِلُكَ السّمـاءُ 
وَمنزِلُ النّاسِ الثّـرى . 
وَجَـرى الزّمـانُ ... 
وذاتَ دَهْـرٍ 
أشعلتْ نارَ الفضـولِ بِصـدْرِهِ 
نـارُ القُــرى 
فَرَنـا
فكانتْ روحُ تلكَ النّـارِ نـوراً باهِـرا 
وَدَنـا 
فأبصَـرَ بُلبُـلاً رَهـنَ الإسـارِ 
وحُزنـهُ ينسـابُ لحنـاً آسِـرا 
وهَفـا 
فألفـى الدّودَ يأكلُ جِيفَـةً .. فتحسّـرا . 
ماذا جـرى ؟! 
النّـارُ سـالتْ في دِمـاهُ وما دَرى 
واللّحـنُ عَرّشَ في دِمـاهُ ومـا دَرى ! 
النَسْـرُ لم يَـذُقِ الكَـرى 
النّسـرُ حَـوَّمَ حائِـرا 
النّسـرُ حلّـقَ ثُمَّ حلّـقَ 
ثُمّ عـادَ الَقهْـقرى 
( أَلِـيَ الذُّرى
وأنَـا كديـدانِ الثّرى ؟!
لا بُـدَّ أنْ أتَحَـرّرا ). 
اللّـهُ قالَ لـهُ : إذَنْ 
ستكـونُ خَلْـقاً آخَـرا .. 
لكَ قـوّةٌ مِثل الصّخـورِ 
وعِـزّةٌ مثلَ النسـورِ 
ورِقّـةٌ مثلَ الزّهـورِ 
وَهَيْـئةٌ مثلَ الوَرى .
( كُـنْ ) 
أغمَـضَ النّسـرُ النبيلُ جَنـاحَـهُ، 
وَصَحـا .. فأصبـحَ شاعِـرا !

السابق

التالي