موقع الخواطر

عندما تكون صحافتنا طابورا خامسا لأمريكا

        

         من الواضح تماما أن كثيرا من صحفنا العربية  – ولاسيما الخليجية منها – قد أخذت على عاتقها مهمة إعادة الهيبة لأمريكا " الجريحة"في نفوس الجماهير ، وشمرت عن سواعدها لإخراج الكرامة الأمريكية من الوحل الذي تمرغت فيه ، وأصبحت بقصد أم بغير قصد طابورا خامسا يخوض حربا نفسية ضد الأمة العربية و الإسلامية ..


         
فمنذ أحداث التفجيرات ونحن نرى الجهود الحثيثة التي تبذلها تلك الصحف لإعادة ترسيخ فكرة أمريكا التي لا تهزم إلى النفوس ....وها هي تبث التحليلات العسكرية المرفقة بصور جنود ضخام غلاظ وهم يتدربون على أسلحة متطورة ، و تنشر بأحجام  كبيرة ما تصوره الأقمار الصناعية من صور لمعسكرات مزعومة لابن لادن ، وتنقل لنا كالببغاوات ما تنشره وسائل الإعلام في الدول الغربية من تعليقات وتحليلات محاطة بهالة من المبالغات ،  في الوقت الذي تنقل فيه  إلينا صورة الأفغاني الفقير المهاجر الذي لا حول له ولا قوة ، متناسية أن هذا الأفغاني     "الضعيف " ذي الملابس الرثة هو نفسه ذاك الذي قهر روسيا – بإذن اللهومرغ وجهها الكالح في التراب وكان سببا في تفتت وحدة الاتحاد السوفييتي ....وبأنه هو نفسه الذي عرف عبر التاريخ بعدم خضوعه لمحتل أو غاصب بدءا بحملات اسكندر الأكبر ،  ومرورا بمحاولة الإمبراطورية البريطانية ، وانتهاء بمحاولات روسيا كما ذكرنا... ولكن هيهات أن يفهم القائمون على تلك الصحف هذه الحقائق ، وأنى لهم أن يفهموها ، وهم الذين تشبعوا بالأفكار المادية الغربية ، ورضعوا من لبانها الوهن وحب الدنيا وتقديس المادة ، ونسوا أن هذه الأمة تقودها القيم والمبادئ السامية ولا يقودها منطق الدرهم والدينار وعشق الحياة ..

       إن تكريس التبعية للغرب ولأمريكا هو الشغل الشاغل لكثير من صحافتنا وكتابنا ، بل ولكثير ممن يطلق عليهم لقب العلماء والمفكرين في عصرنا هذا ، ولم يعد غريبا أن نسمع بمن ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة كالجهاد مثلا إرضاء لتلك النزعة المادية و إرضاء للهوى الذي يميل للغرب ولأفكار الغرب ولأذناب الغرب......
فالهزيمة الفكرية أثمرت ثمارا مرة كالعلقم ، وأصبح من كان أمثالهم يحاكمون ويحاسبون وربما يقتلون  بتهمة الزندقة والتحلل من التكاليف الشرعية في عهود الخلافة وزمن العزة ، أصبح أمثال هؤلاء يتصدرون المواقع
البارزة في وسائل الإعلام المقروء والمشاهد بتشجيع من الطواغيت الذين وجدوا فيهم ضالتهم ..
فما عجزوا هم عن فعله،، يفعله هؤلاء ممن اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ، وممن باعوا ضمائرهم و عزتهم وكرامتهم.
     

إن المناظر التي رآها الملايين من البشر من خلال شاشات التلفاز في ذلك اليوم ( يوم التفجيرات في أمريكا) أثبتت للجميع أن أمريكا بغطرستها وجبروتها ليست أسطورة لا تهزم كما تسعى لأن تقنع العالم
بل ظهر جليا من خلال تعامل قادتها وأجهزة التحقيق والمخابرات فيها مع الأحداث أنها تعاني من كثير من مظاهر الخلل والقصور ، وظهر واضحا أن أمريكا  " العظيمة " تكذب  ، وتزور المعلومات والحقائق  ، وتكيل التهم دون أدلة أو براهين ،  تماما كما تفعل الأجهزة القمعية في الدول " النامية " !!!..
 
وكان الأحرى بصحافتنا العربية والإسلامية أن تبرز هذه الجوانب وتفضح الممارسات الأمريكية ، بدلا من أن تعلن الحرب على " الإرهاب "  الذي هو في حقيقته  " الإسلام" ، و كان الأحرى بها أن تنأى بنفسها أن تكون بوقا بيد من أعلنوا عن بدء الحروب الصليبية الجديدة ...  أما أن تتحول تلك الصحف إلى منابر لتوجيه الأمة والتعبير عن صوتها الحقيقي ،  و إبراز معاني العزة والعظمة التي خصها الله بها من حمل للرسالة و أداء للأمانة
فمازال حلما لم يتحقق ، ومطلبا لم ينل .

 

عودة للصفحة الرئيسية