موقع الخواطر

رسالة خاصة الى رئيس دولة الامارات

رسالة مفتوحة إلى رئيس دولة الإمارات


الشيخ / زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

تحية طيبة وبعد ،،


الحمد لله القائل في كتابه العزيز: ( وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحـديث الصحـيح : " إن الله يملي للظالم فإذا أخـذه لم يفلته ثم قـرأ : ( وكذلك اخذ ربك إذا اخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه اليم شديد ) وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له (أنت ظالم) فقد تودع منهم" وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :


نود إحاطتكم علماً بأن المرصد الإعلامي الإسلامي هيئة حقوقية إعلامية تهتم بقضايا المسلمين في أنحاء الأرض قاطبة ومقره العاصمة البريطانية لندن ، وقد قمنا بالاعتصام أمام سفارة بلدكم في لندن يوم الثلاثاء 23 جمادى الثانية 1422هـ - الموافق 11 سبتمبر 2001م للاحتجاج والتنديد بالممارسات اللا إنسانية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في بلدكم ومنها مقتل عبد الله أبو القاسم الغزال أحد الإسلاميين الليبيين داخل قسم الشرطة واعتزامها ترحيل آخرين قسرياً ، والمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين دون تهمة أو محاكمة . وقد رفضت السفارة استلام الرسالة الموجهة لكم لذا ارتأينا أن نرسلها لكم كرسالة مفتوحة عبر وسائل الإعلام .


ونود أن نذكركم بالآتي : " لقد شرع الإسلام حقوق الإنسان في شمول وعمق وأحاطها بضمانات كافيه لحمايتها وكما تعلمون فإن شريعة الله لا تقبل حذفاً ، ولا تعديلاً ، ولا نسخاً ولا تعطيلاً .. ومن هذه الحقوق :


حق الحياة : حياة الإنسان مقدسة . . لا يجوز لأحد أن يعتدي عليها : ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) ، ولا تُسلب هذه القدسية إلا بسلطان الشريعة وبالإجراءات التي تقرها .

حق الحرية : فحرية الإنسان مقدسة - كحياته سواء - وليس لأحد أن يعتدي عليها : " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " ويجب توفير الضمانات الكافية لحماية حرية الأفراد ، ولا يجوز تقييدها أو الحد منها إلا بسلطان الشريعة وبالإجراءات التي تقرها .

حق الحماية من تعسف السلطة : لكل فرد الحق في حمايته من تعسف السلطات معه ، ولا يجوز مطالبته بتقديم تفسير لعمل من أعماله أو وضع من أوضاعه ، ولا توجيه اتهام له ألا بناء على قرائن قوية ، تدل على تورطه فيما يوجه إليه.

حق الحماية من التعذيب : لا يجوز تعذيب المجرم فضلاً عن المتهم : " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا " كما لا يجوز حمل الشخص على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها ، وكل ما يُنتزع بوسائل الإكراه باطل ، كما أنه مهما كانت جريمة الفرد ، وكيفما كانت عقوبتها المقدرة شرعاً ، فإن إنسانيته وكرامته الآدمية تظل مصونة .


أيها االشيخ : إن من أكبر دوافع العنف والنزاعات المسلحة مصادرة الحقوق السياسية لشريحة ما من شرائح المجتمع (دينية أو عرقية أو اجتماعية أو . . أو. .) فالظلم في مفهوم الإسلام أنواع من جملتها الظلم السياسي، فهو أساس كل فساد في الأرض وإفساد في حياة الخلق، وأصل أصيل للفوضى في سياسة الأمم وقيادة الشعوب ومسعر الفتن وموقد نيران النزاعات الداخلية التي تسفك فيها الدماء، وتنتشر العداوة والبغضاء بين الأقارب والأباعد. لذلك صب الله تعالى نقمته على الظالمين فطردهم من رحمته وهي التي وسعت كل شيء ( ألا لعنة الله على الظالمين ) ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) . فهو مدعاة للفوضى والتقاتل والتدافع وسبب هلاك الأمم وخراب الديار ، قال تعالى ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) لذلك قال ابن خلدون: "الظلم مؤذن بخراب العمران" والخلفاء الراشدون أذنوا للرعية في مقاومتهم إذا ظلموا أو انحرفوا عن أحكام الشريعة لان تبديل أحكام الدين أو تعطيلها هو تعدٍ لحدود الله وهو القائل عز من قائل ( ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) ، فهذا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) يقول: "إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني" فأقر رضي الله عنه مبدأ مقاومة الحاكم إذا زاغ عن الطريق السوي. وهذا عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) يقول: " من رأى منكم في اعوجاجاً فليقومه فقال رجل : والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا . فقال رضي الله عنه: الحمد لله الذي جعل في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بسيفه" . وهذا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) أقر بمبدأ محاسبة الحاكم من الرعية فقال رضي الله عنه "إن وجدتم في كتاب الله أن تضعوا في رجلي القيد فضعوا في رجلي القيد" . وهذا الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) يقول: " ألا تسخطون وتنقمون أن يتولى عليكم السفهاء الظالمون فتعموا بالذل وتقروا بالخسف ويكون نصيبكم الخسران". . 


وجاء في بيان وثيقة حقوق الإنسان المادة 25: "الغاية من كل مجتمع إنساني صيانة الحقوق الطبيعية للإنسان تلك الحقوق التي لا تزول مهما تقادم عليها الزمان وتعاقب الليل والنهار وهي الحرية والتملك وطمأنينة الناس ـ أي الأمن ـ ومقاومة الجور والاضطهاد…" وهكذا نرى الإسلام سبق الغرب بإقرار مبدأ مقاومة الظلم بجميع أنواعه ومنه السياسي ، وجاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948م) ". . من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان كي لا يضطر المرء على التمرد على الاستبداد والظلم . . "، وأكدت لجنة حقوق الإنسان (1976م) " . . وإن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بما فيها الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد تجر العالم إلى نزاعات مسلحة...".

وللأسف فالشباب الليبي وغيرهم من شباب أمتنا في السجن ببلدكم التي تدعي أنها تسير في ركاب الديمقراطية وحرية الرأي !! يعيشون تحت وطأة التعذيب الشديد وهم في المعتقل دون تهمة أو جريمة أو محاكمة !! .

الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات : لا يخفى عليك أن مهمة الحاكم الحق هي أن ينصف المظلوم من الظالم ويأخذ للضعيف من القوي فان لم يفعل فقد خان أمانة الحكم وأسقط مبرر وجوده وشرعيته، ونطالبك أمام الله تعالى ثم أمام الشعب بالإنصاف وإطلاق سراح المعتقلين فوراً . ولا ننسى أن الأكف والأصوات ترتفع بالدعاء على كل ظالم ... فلنتق دعوة المظلوم .


ولجنة حقوق الإنسان الدولية المنبثقة عن المرصد الإسلامي إذ تدين وتستنكر قيام السلطات الأمنية في بلدكم بعمليات التسليم الدائمة لبلدان ثبت أنها تنتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان . نوجه نداء لكم للتدخل من أجل الإفراج الفوري عن هؤلاء الأشخاص ليعودوا لأطفالهم وزوجاتهم بدلاً من تسليمهم للنظام الليبي الدموي الذي لا يرحم شيخاً ولا طفلاً .

ومن جانبنا نذكر السلطات الإماراتية بأن لكل فرد الحق في طلب اللجوء وفي الحصول عليه إذا اضطر لمغادرة بلده هرباً من الاضطهاد ، وندين هذا الإجراء التعسفي الذي يتعارض مع القانون الدولي الذي يُحرم قيام الدول بتسليم أو إبعاد أشخاص إلى بلدان يُحتمل أن يكونوا فيها عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان حيث يُعدّ هذا الترحيل انتهاكاً لمبدأ " عدم الإرجاع القسري " المعترف به دولياً والملزم لجميع الدول . وتعارض لجنة حقوق الإنسان الدولية الترحيل القسري للأشخاص إلى البلدان التي يواجهون فيها انتهاكات لحقوق الإنسان مثل التعذيب، وهو الأمر الذي ينتهك المبدأ الأساسي لعدم الرد أو الطرد الوارد في المادة 33 (1) في اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين ، وكذلك المادة 3 في " اتفاقية مناهضة التعذيب " . فما بالنا إذا كان هؤلاء سيتعرضون للقتل والتعذيب لا محالة ! . 


فما زالت ليبيا تشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترتكب على نحو منتظم وبموافقة من أعلى المستويات، مما يُعد خرقاً صريحاً للشرائع السماوية ، فضلاً عن أنه يُعد مخالفة صارخة للالتزامات الرسمية للنظام الليبي بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وتتدرج هذه الانتهاكات من القبض التعسفي والتعذيب حتى عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء ، وحوادث الاختفاء ، وهذا يتعارض وبنود " اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة " التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وانضمت إليها ليبيا.


رئيس دولة الإمارات . . 

في الأخير : فإن لجنة حقوق الإنسان الدولية المنبثقة عن المرصد الإعلامي الإسلامي إذ تعرب عن شديد أسفها واستنكارها الشديدين لوفاة المواطن الليبي / عبد الله أبو القاسم الغزال تحت وطأة التعذيب بإجراء تحقيق شامل ومستقل وافٍ ونزيه على وجه السرعة في الملابسات والظروف التي أدت إلى الوفاة ثم الإعلان عن نتائج هذا التحقيق ، وتقديم الجناة الضباط المتورطين إلى محاكمة عاجلة وعادلة ، والإفراج الفوري عن باقي المعتقلين لديكم وعدم تسليمهم للنظام الليبي حيث سيتعرضون لخطر الموت ومن بين هؤلاء المعتقلين علي بشير وعلي عميش وأحمد عكعك وأحمد رمضان حسي .

وإذ تنوه لجنة حقوق الإنسان لخطورة مثل هذه الممارسات اللا شرعية ، تود ان تنبه إلى أن هذه الممارسات المنافية لأبسط قواعد حقوق الإنسان ، تخالف تعاليم ديننا الحنيف ولا تؤدي إلا إلى سخط الله عز وجل . نطالبكم بموجب الحق في حرية الرأي والتعبير لكونه إحدى الدعائم الرئيسية لأي مجتمع يحترم حقوق الإنسان ، بسرعة الإفراج عن المواطنين الليبيين / حتى يكون ذلك تعبيراً حقيقياً ، ويكون ذلك اتساقاً مع تعاليم الإسلام والالتزامات الدولية المترتبة على تصديق الإمارات على المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان وفى مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .


والله من وراء القصد ، 


المرصد الإعلامي الإسلامي

الأحد 6 رجب 1422هـ - الموافق 23 سبتمبر 2001م

IOC, P O Box 13575, London W9 1FG, UK Tel : 44 207 624 6868 Fax: 44 207 328 8988

E-Mail : observer@talk21.com http://www.ummah.org.uk/ioc/

الصفحة الرئيسية